تقرير سنوى: ألمانيا تسعى الى نفوذ عالمي بشأن تغير المناخ
لم تدخر ألمانيا جهدا فى محاولة ضمان معالجة تأثيرات تغير المناخ, حيث تسعى الى تجميع قوة عالمية في واحدة من أهم القضايا في تاريخ الإنسانية.
ألمانيا رائدة
قد تتذكر جيدا الوفود الدولية المشاركة في مؤتمر الامم المتحدة حول المناخ فى بالى باندونيسيا أن طموح تحريك المفاوضات العالقة حول خفض انبعاثات الكاربون يعود تاريخه إلى قمة مجموعة الدول الثماني التي عقدت فى يونيو الماضى بمدينة هيليجيندام الالمانية.
وتوصلت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل, التى تتولى بلادها الرئاسة الدورية لمجموعة الدول الثمانى حتى نهاية هذا العام, إلى اتفاق مع القادة الآخرين لأكبر الدول الصناعية في العالم لوضع مفاوضات المناخ في اطار الامم المتحدة.
ووافق القادة على خفض "جوهري" للانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بعد انتهاء فترة سريان بروتوكول كيوتو عام 2012, وهو الأمر الذي أشادت به ميركل ووصفته بأنه "نقطة تحول حقيقية" وذلك رغم استمرار الولايات المتحدة في رفض التوقيع على أهداف ملزمة خوفا من الإضرار بنموها الاقتصادى.
واقنعت المستشارة الالمانية, التى كانت في ذلك الوقت رئيسة للاتحاد الاوروبى, زعماء الاتحاد الاوروبى الآخرين خلال قمة الاتحاد الاوروبي قبل ثلاثة اشهر بالقيام بخفض من جانب واحد لانبعاثات الكتلة المكونة من 27 دولة بنسبة 20 فى المائة تحت مستويات عام 1990 بحلول عام 2020.
ومن ناحية أخرى تعهد الاتحاد الاوروبى بتقليل الانبعاثات بنسبة 30 فى المائة اذا تعاون معه شركاؤه الدوليون فى المعركة ضد تغير المناخ.
ومن جانبها, تعهدت ألمانيا بخفض انبعاثاتها من الكاربون بنسبة تصل إلى 40 فى المائة بحلول عام 2020 رغم شكاوى بعض القادة الصناعيين الذين وصفوا هذا الهدف بأنه يبدو "غير واقعي".
وقالت ميركل انه لا بد على اوروبا ان تكون "رائدة" فى قضية تغير المناخ.
مخاوف إزاء الطاقة
وقال الأمين التنفيذى لمعاهدة الاطار للأمم المتحدة حول تغير المناخ إيفو دي بور لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه بالإضافة إلى المخاوف الكبيرة إزاء التطرف في المناخ المتكرر الحدوث على نحو متزايد بسبب الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الاحتراري, فإن المخاوف المتعلقة بالطاقة تمثل أيضا أحد الأسباب الرئيسية وراء اتخاذ الدول الأوروبية لمواقف أكثر شجاعة بشأن تغير مناخ مقارنة بالدول الأخرى.
وفي مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا)), قال المسؤول الأممي رفيع المستوى المشرف على شؤون المناخ إن دولا أوروبية وخاصة ألمانيا ظلت تحاول لمواجهة مخاوفها إزاء الطاقة من خلال تطوير طاقة متجددة مثل الطاقة الشمسية اوطاقة الريح.
ووفقا لتقرير للاتحاد الأوروبي صدر في وقت سابق من العام الجاري, فإن اعتمادية الاتحاد الأوربي على واردات الطاقة, ومعظمها من روسيا, ستقفز من 50 ب المائة من استهلاك الطاقة الكامل للاتحاد الأوروبي حاليا الى 65 بالمائة بحلول عام 2030.
وقد تعرض أمن الطاقة الأوروبي لضربات قاسية وخاصة بسبب نزاعات روسيا مع جارتيها بيلاروس وأوكرانيا حول النفط, الأمر الذي أدى إلى قطع إمدادات النفط الى بعض دول الاتحاد الأوروبي.
وتعتمد ألمانيا, الاقتصاد الأكبر في اوربا, على نحو كبير على روسيا للحصول على نحو 40 بالمائة من غازها الطبيعي, ولم تجد قط ضرورة من قبل لتغيير هذا الوضع.
ووفقا للفيدرالية الألمانية للطاقة المتجددة, فقد وصل استخدام الطاقة المتجددة في ألمانيا, مثل طاقة الريح والطاقة الكهرومائية والطاقة الشمسية والطاقة الحيوية والطاقة الجيوحرارية, الى مستوى قياسي عام 2006.
وارتفع نصيب الطاقات المتجددة في استهلاك ألمانيا للكهرباء الى 11.6 في المائة عام 2006 ويتوقع ارتفاع تلك النسبة الى 25 -30 بالمائة بحلول 2020, وفقا للفيدرالية.
دافع اقتصادي
يأتى تصميم المانيا الثابت لتعزيز الطاقة المتجددة وتقليل الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري مع حقيقة انه يمكن لها أيضا ان تكسب الكثير من الاموال من هذه السوق الضخمة الناشئة.
واعلنت وزيرة التعليم والأبحاث الألمانية انيت شافان في اكتوبر ان الحكومة الالمانية تعتزم انفاق مليار يورو إضافية (نحو 1.41 مليار دولار امريكي) على أبحاث تكنولوجيا حماية المناخ خلال السنوات الـ10 المقبلة.
ومن ناحية أخرى قالت شافان إن الصناعة الالمانية مستعدة لاستثمار ما يعادل ضعف هذا المبلغ في المجال نفسه.
وافادت الوزيرة بان هذه الاموال تعد جزءا من استراتيجية جديدة لاستخدام تغير المناخ كمحرك لتحديث وتعزيز التنافسية الصناعية لالمانيا.
وأضافت " ان الصناعة الالمانية يجب ان تلعب دورا رائدا في شؤون المناخ."
ووفقا لاحصائيات الحكومة الالمانية, فقد خلق نمو الطاقات المتجددة خلال السنوات القليلة الماضية حوالى 200 الف فرصة عمل في المانيا, وتحتل الشركات الالمانية 19 في المائة من حجم التجارة العالمية في منتجات يمكن استخدامها لاهداف حماية البيئة.
وقال دى بوير ان المانيا وهى اكبر مصدر في العالم لمنتجات التصنيع تعتبر الآن على نطاق واسع اكبر مصدر للمنتجات الصديقة للبيئة.
واضاف دى بوير ان الرغبة في تطوير اقتصاد نظيف ومبتكر قد اصبحت اكثر وضوحا في المانيا مقارنة بالبلدان الاخرى بفضل موقف حكومتها القوي حول قضية تغير المناخ.