تعرضت سورية ودول المنطقة مؤخراً الى اجواء سديمية محملة بالغبار وامتزجت مياه المطر بالغبار, فكانت الهطولات على شكل وحول حمراء لزجة لونت الشوارع والاسطحة والاشجار والسيارات بلونها الصحراوي..
هذه الظاهرة الطبيعية كانت في الماضي محصورة بمناطق معينة وقلما نراها في بعض المناطق, لكن يبدو ان هذه الظاهرة لم تعد تقتصر على المناطق الصحراوية أو المتاخمة لها, بل امتدت الى المناطق الداخلية بعدما دُمر الغطاء النباتي على مساحات واسعة من الاراضي التي كانت متماسكة وتسبب انحباس الامطار والحمولة الزائدة في مراعي البادية بزوال الغطاء النباتي وبالتالي تعريض التربة للانجراف والتطاير عند هبوب الرياح وانتقالها الى مناطق اخرى مشكلة الغبار الكثيف!!
هذا الوضع لا تقتصر اضراره على إثارة الغبار وانعدام الرؤية أو تضاؤلها بل أخذ يهدد بزحف التصحر باتجاه المعمورة والاراضي الزراعية والمناطق المأهولة بالسكان, وهذا ما يحدث فعلاً.
كما ان اانخفاض المعدلات المطرية وتناقص حجم المصادر الدائمة للمياه أثر على نمو المراعي وأدى الى تدهورها وتدميرها وحرمان ملايين من الاغنام من مصدر رعيها.
ويبدو ان التصدي لخطر التصحر ما زال محدوداً, ليس في بلدنا فقط, بل في بلدان كثيرة, حيث ما زالت الاجراءات المتخذة للتصدي للتصحر دون المستوى المطلوب.
وفي سورية تنبهنا الى هذه المسألة مبكراً وتم التصدي لزحف التصحر عن طريق اقامة احزمة خضراء من الاشجار على اطراف البادية وعلى جوانب الطرق الدولية, وزرعت ملايين الاشجار, لكننا بحاجة الى المزيد!
والمزيد هنا ليس فقط زراعة الاشجار وتقديم خطط بعشرات الالوف من الهكتارات وعشرات الملايين من الغراس الحراجية والمثمرة, بل ان زراعة الغراس تحتاج الى عناية وحماية واعادة ترميم ومتابعة وتوفير السقاية وحمايتها ايضاً من الرعي والقطع وغيرها من التعديات وعلى رأسها الحرائق التي تحدث بسبب الاهمال أو عمداً!!
ومواجهة زحف التصحر باتجاه المعمورة والاراضي الزراعية يحتاج ايضاً الى خطوط دفاع اولى, وهذه الخطوط تتمثل بحماية الغطاء النباتي في البادية وزراعة المزيد من النباتات الرعوية التي تناسب اجواء البادية واقامة المحميات الطبيعية وتنظيم الرعي ومنع فلاحة البادية لان الفلاحات التي تتم في البادية تقضي على الغطاءالنباتي وتؤدي الى زحف الصحراء باتجاه الاراضي الزراعية.
فهل نتخذ اجراءات اكثر جدية وبأسرع وقت لوقف خطر التصحر?!!